Qawmi

Just another WordPress site

L

 سوسن البرغوتي

على ما يبدو أن القاسم المشترك بين قادة الفصائل الفلسطينية السياسية وسلطة عباس، هو الإجماع على أن الحل الأمثل والواقعي العملي، حل الدولتين، بفارق واحد بينهم، أن عباس والتابعين لمنهجيته السياسية والإعلامية، أسقطوا خيار المقاومة المسلحة وحاربوها بناء على توصيات وأوامر أمريكية- “اسرائيلية”، في حين أن الأطراف الأخرى، لا زالت ترفع غصن الزيتون بيد والبندقية باليد الأخرى.

ثمة اتفاق فلسطيني مشترك على مستوى القيادات السياسية المتخاصمة، جاء بالدعوة إلى المؤتمر الوطني الذي انعقد في دمشق وما تضمنه من برنامج من أجل مصالحة قيل إنها وطنية، (لقطع الطريق على الرهانات الأمريكية، حيث لا طريق غيرها للتحرك وتسريع المسار التفاوضي الفلسطيني الاسرائيلي).

نستعرض نقاط الاتفاق بمنتهى الموضوعية، لا للموافقة عليها، إنما من منطلق وقائع وحقائق، لا وعود وهمية تريد إشغال الفلسطينيين بـ”عظمة” مفاوضات لا يلبثوا أن يكتشفوا أنها لا تسمن ولا تغني من جوع.
       الإعتراف في مرحلة ما بعد أوسلو بـ “إسرائيل” علانية، وفي حالة مغازلة “الاسرائليين” ضمنياً كون الكيان أمر واقع، ولا مشكلة أو عقدة في فتح الحوار مع الكيان الغاصب، فالمصلحة تقفز ثانية على حساب الثوابت لغاية دولة تحقق الأمن والسلام مع الجار الوديع المتنازع معه على حدود الوطن الواحد!، وتلك الدولة هي وعد جورج بوش هذه المرة، وهو  أكثر رئيس أميركي فشلاً في التاريخ والخارج منه بجراح مثخنة تستمر تداعياتها على أسوار بغداد وجبال أفغانستان، ووعد أولمرت الذي مرغ أنوف جيشه في وحل الجنوب اللبناني…
عود على بدء، فالخلاف بين قادتنا العظماء، على مَن  يتصدر ويتزعم ويحدد سقف تلك المفاوضات، التي لا يكتفي العدو بمجانيتها، بل يجني كل مرة ثمار تنازلات جديدة عن حق قديم ثابت، دون تحقيق منجز واحد للمصلحة الفلسطينية.
فالخلاصة الحقيقية تتجلى حصرياً في عناوين تحت مسميات المبادرة العربية ووثيقة الأسرى المعدلة إلى وثيقة الوفاق الوطني، لا تخرج عن إطار المطالبة بـ “دولة الـ67″، وإن كان هناك اختلافاً في بعض الهوامش، لا في عنوانيها التطبيعية العامة والشاملة والإقرار بما يسمونه دولة “إسرائيل” على مستوى الوطن العربي بأكمله!.

– من خلال المسلك التطبيعي يتحول الوطن إلى دولة الـ67 المرقعة بمستوطنات أوسلو-آنابوليس الصهيونية، وجدار عازل يحول المعتقلات الجماعية للفلسطينيين إلى محميات سوق استهلاكي للاقتصاد الإسرائيلي، ناهيك أن الدولة “المنتظرة” ستولد مسخاً، إذ لن ُيسمح لها بالتسلح إلا بمقدار الدفاع عن أمن البؤر الاستيطانية و”اسرائيل” المجاورة، فأي سيادة كاملة تلك التي سيمنحها المحتل من أجل “التعايش السلمي”؟!.

– الإصرار على أن العاصمة هي مدينة القدس “الشرقية”، باستثناء المدينة القديمة والحرم المقدسي، الذي يتم هدم أساسات المسجد الأقصى، وتهويد المدينة المقدسة عبر تغليب العنصر الغريب على حساب السكان الأصليين، وهذا ما نشرته صحيفة البيان الإماراتية في 15/ 4/ 2008، بأن (السلطات الاسرائيليلة تستعد لإسقاط الهوية عن 40% من المقدسيين خارج الجدار الفاصل، عبر استعدادها للبدء في فرض بطاقات على جزء من المقدسيين الموجودين داخل الجدار، مما سيؤدي إلى نتائج خطيرة على المدى القريب والبعيد، أهمها نسف احتمالية التوازن الديمغرافي في القدس بين المقدسيين واليهود، هذا على افتراض الجدل لا الموافقة، ومع ذلك نصرّ على ما هو مرفوض رفضا قاطعا البحث به من قبل “إسرائيل”)!. إذن المقصود بالقدس كعاصمة للدولة الفلسطينية “المنتظرة”، مناطق حول المدينة المقدسة، كسلوان وأبو ديس والعيزرية وغيرهم.

– ما يؤخر النسف النهائي لحق العودة وتعثر المفاوضات حيال هذا البند، عدم وجود مخرج للتخلص من عبأ أكثر من نصف الفلسطينيين في الشتات. إلى أين العودة، إلى ديارهم في (دولة اسرائيل)؟!،وفي حال تحقيق الوهم الفلسطيني، سيتم ترحيل فلسطيني الداخل المحتل عام 1948 إلى الضفة وغزة، لتنفجر سكانياً داخل سجون مفتوحة في مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني، أو المراهنة على بقاء فلسطيني الشتات في أماكن إقامتهم، لأسباب عدة أهمها أن “الدويلة” لن تسمو إلى مستوى أماني وطموحات الشعب الفلسطيني بالعودة للجليل وحيفا وعكا وباقي المدن والقرى الفلسطينية بما فيها القدس الغربية المحتلة، من دولة الجوار المتفوقة على جميع كل الأصعدة، أو القبول بالتوطين والتعويض المالي كبديل لفلسطين التاريخية والجغرافية العربية الاسلامية.

– إن كانت اتفاقية السلام الساداتية التطبيعية تحققت برعاية كارتر وتلتها اتفاقيات “سلام الشجعان” الفلسطينية، فتحت الطريق وسهلت سبل احتلال العراق، وإقامة علاقات تطبيعية مع أغلب الأنظمة العربية سواء رسمياً أو من خلال فتح مكاتب تجارية وتناغم إعلامي وتبادل الوفود والزيارات، فدولة الـ 67، ستفتح الطريق لتدمير لبنان وتدويله، وحشر سوريا في زاوية القبول بشروط”اسرائيلية” من أجل انفتاح شامل والتعايش الإجباري مع سرطان ينتشر في كل الجسد العربي لقتله عمداً.

تمهلوا يا سادة النظرية الواقعية، ولا تخسروا بالمرونة والدبلوماسية السياسية منجزات عظيمة للمقاومة المسلحة، وتراجعوا خطوة أفضل ألف مرة من أن تقعوا بنفس حفرة التآكل الذاتي لمشروع التحرير الوطني، وعدّوا إلى العشرة، فالبحر لا يضيره، موجة تعلو وترتفع ثم تتلاشى، إنما الكارثة كل الكارثة أن يُصيّر إلى مستنقع نفايات لآخرين يسعون لتحقيق توازن  مصالحهم مع الغرب وأمريكا، ومن يزرع بذور التعايش مع هذا الاستعمار الأمرو-صهيوني على أنه أمر واقع، لا يحصد في عواقبه مرجاً من الزهور

خلاصة القول، ما أبدع في نظمه الشاعر القروي في قصيدة ( وثبات العقول):


 

لم يعد ينفعُ الأسودَ وثوبٌ  

 

بعد أن طارَ بالجناح ِ الثعالبْ

وثباتُ الأقدام في التُربِ لكن

 

وثبات العقول فوق الكواكبْ

فاضرب البازَ بالعُقاب وحارب

 

بسلاح ِ العقول أو لا تحاربْ

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *